الرباط: همس التاريخ وحديث الصورة
نشرت بواسطة:ABDELMALEK NASSIRI
بتاريخ07:27
فيجديد الإصدارات
5 تعليقات

بين يدي الكتاب
لأسباب عديدة، قررت سلطات الحماية الفرنسية، إثر التوقيع على معاهدة 30 مارس 1912، أن تتخذ من مدينة الرباط الأطلنتية التي اختطها الموحدون وأرسوا نواتها الأولى، عاصمة إدارية وسياسية للمغرب الحديث. وبعد انصرام قرن من الزمن، وبتاريخ 2 يوليوز 2012، قررت لجنة التراث العالمي إثر اجتماعها المنعقد في سان بترسبورگ بروسيا، تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، الموافقة على إدراج موقع “مدينة الرباط، العاصمة الحديثة والحاضرة التاريخية: تراث مشترک” ضمن قائمة التراث العالمي للإنسانية. وقد شمل ملف هذا التصنيف عدة مواقع تاريخية من المدينة المذكورة، فكانت من أهمها المدينة العتيقة والمدينة الأوروبية داخل الأسوار، ومواقع شالة والأوداية والأسوار والأبواب وشارع النصر وحديقة التجارب وصومعة حسان وضريح محمد الخامس.
وفي ضوء هذين القرارين التاريخيين المترابطين، يحق التساؤل من لدن المهتمين بالشأن الأكاديمي والثقافي في المغرب عن الأسباب الموضوعية التي كانت وراء صناعة هذا الحدث الذي لا تخفى أهميته على أحد، والقيام بمحاولة تتوخى تقديم بعض الأجوبة الكفيلة بتنوير المهتمين من مختلف المشارب والحساسيات، بالحيثياث التاريخية الأساسية التي أفضت إلى تحقيق هذا الإنجاز الهام.
وبناء عليه، وفي إطار انفتاح الجامعة على محيطها بكل مكوناته المتداخلة، فإن جامعة محمد الخامس (أگدال) في شخص رئيسها المحترم السيد وائل بن جلون، وكلية الآداب بالرباط متمثلة في عميدها وفي مؤرخيها المقتدرين، ما كان لهم أن يتركوا هذه الفرصة تمر في صمت دون المبادرة بكل تواضع، إلى الإسهام بتأليف جماعي، يمكن من خلال مواده، تعليل وتفسير قرار سلطات الحماية الفرنسية القاضي بتحويل عاصمة المملكة المغربية من فاس إلى الرباط، من جهة أولى؛ ويتيح المساعدة، من جهة ثانية، على فهم الأسباب الموضوعية التي أقنعت أعضاء منظمة اليونسكو وخبراءها المتبصرين بنجاعة ملف الترشيح المغربي وأحقية مدينة الرباط في الفوز بهذا التميز على الصعيد العالمي.
ومما أثلج الصدر، هو أن الخروج بهذه المبادرة من مستوى المشروع إلى حيز الإنجاز الفعلي قد تحقق في ظروف مواتية جدا، ظهرت مؤشراتها الإيجابية منذ البداية، باستجابة الزملاء الباحثين، المتخصصين في حقل التاريخ، والمنتمين في معظمهم إلى جامعة محمد الخامس بالرباط، وموافقتهم السريعة على الانخراط الجاد، كل من زاوية تخصصه واهتماماته، في هذا العمل الجماعي.
ولابد من الإقرار، على الرغم من الاستعداد الذي عبر عنه المساهمون في هذا العمل، بأن المهمة لم تكن يسيرة، لأن تقديم عناصر الجواب المطلوبة عن الأسئلة العديدة التي تطرحها شساعة الموضوع، وتشعب قضاياه، اقتضت بذل مجهود كبير لاستنطاق مراحل مختلفة من التاريخ المغربي في خطوطه العريضة أحيانا، وفي بعض خصوصياته الدقيقة والعميقة أحيانا أخرى. كما استلزمت القيام باستقصاء دقيق للوقائع والأحداث، والبحث في العلاقات القائمة بينها، حتى يتسنى تقديم صورة تقريبية عن الجوانب الأساسية والفاعلة ذات الصلة بمختلف الأحوال الخاصة بمدينة الرباط، منذ وضعت نواتها الأولى على عهد الموحدين على الأقل، ومرورا بمختلف المحطات التاريخية التي عايشتها حاضرة الرباط والجهات القريبة والبعيدة منها التي قد تدور في فلكها بصورة أو بأخرى، على امتداد العصور التاريخية القديمة منها والوسيطية، ثم الحديثة، فالمعاصرة والراهنة.
ويبدو من النظرة الأولى والسريعة لمحتويات هذا التأليف، أن ماجريات الانتقال الحاصل من مجرد قصبة متواضعة تطل على واد أبي رقراق، -على الرغم من عظمتها وشموخها- وتشرف على مياه المحيط الأطلنتي المترامي الأطراف، وأن التحول من رباط ديني لتجميع المجاهدين القاصدين إلى بلاد الأندلس، خلال القرن الثاني عشر الميلادي، إلى عاصمة للمغرب الحديث، عند مطلع القرن العشرين، قد مر من ظروف ولادة عسيرة في أغلب الفترات التاريخية التي يغطيها المساهمون في هذا الكتاب.
وعلى الرغم من الصرامة العلمية التي طبعت جل المساهمات، فإن خاصيتي التطور الحثيث والتغيير المتواصل اللذان ظلا ملازمين لحاضرة الرباط، وإن تم ذلک بإيقاعات متفاوتة في جل مراحلها التاريخية، وخاصة بعد الانفتاح الاضطراري للمغرب على الغرب ومقوماته المثيرة والكاسحة، قد اضطرت منسقي هذا الكتاب إلى ضرورة الاستعانة بالصورة، وبطريقة مكثفة في بعض الأحيان.
وكان الهدف المنشود يتجاوز الرغبة في الاقتصار على تدعيم النص المكتوب، بشهادات ناطقة وملموسة تقدمها بعض الصور القديمة لمدينة الرباط معززة بصور أخرى جديدة كل الجدة، حتى تمكن القارئ من الاستمتاع عن قرب بإدراک طبيعة هذا التغيير، وملامسة مدى كثافة التحولات القوية التي مست جميع البنيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعمرانية العتيقة كما ورثتها حاضرة الرباط عن تاريخها الطويل والمليء بالتقلبات المثيرة، فامتزجت فيها المؤثراث القديمة بالجديدة، وانتهت إلى إنشاء مدينة الرباط العاصمة المنفتحة، في الوقت نفسه، على العالم الجديد والوفية أيضا لتاريخها التليد.
ومما لا شک فيه، أن سمة التواضع التي يحملها العنوان الذي أجمع المساهمون على وضعه لهذا الكتاب: “الرباط: همس التاريخ وحديث الصورة”، ليعتبر في حد ذاته دليلا على الاقتناع بأن المجهود المبذول على الرغم من أهميته، وبحكم المدة الزمنية الطويلة موضوع البحث والقضايا المعقدة التي تم الخوض فيها، يظل مجرد محاولة متواضعة تترک الأبواب مفتوحة أمام القيام بعمل آخر قد يكون أكثر دقة وتمحيصا، حتى تنال به حاضرة الرباط كل ما تحتاج إليه من البحث والاهتمام الكفيلين بإماطة اللثام عما تزخر به من أشياء ثمينة ومثيرة لا يمكنها إلا أن تستحق الإعجاب والاعتراف من لدن الخبراء الأكفاء والعارفين المتبصرين.
أريد إقتناء الكتاب أين يمكنني أن أجده
يمكن اقتناء الكتاب من مصلحة النشر بكلية الآداب الرباط أو من مكتبة الأمان أو مكتبة الألفية الثالثة بالرباط
شكرا لكم
من الأدوارالجديدة التي تقوم بها الجمعية مشكورة التعريف بآخرالصدارات وهي خطوة مهمة لتشجيع القراءة
سألنا عن الكتاب في مصلحة النشر بكلية الآداب فأجابتنا المسؤولة
بأنه غير موجود