الخميس , أكتوبر 16 2025
أحدث الإضافات
أنت هنا: الرئيسية / متابعات / قراءة في كتاب: أخبار أحمد المنصور سلطانِ المغرب تأليف: أنطونيو دي صالدانيا

قراءة في كتاب: أخبار أحمد المنصور سلطانِ المغرب تأليف: أنطونيو دي صالدانيا

جذور النظام المخزني

المغرب بعد معركة وادي المخازن

(قراءة في كتاب:، أخبار أحمد المنصور سلطانِ المغرب، تأليف: أنطونيو دي صالدانيا)

العمري

محمد العمري

شكـــــر

في البداية أشكر الزميل الأستاذ عثمان المنصوري الذي أهداني نسخةً من هذا الكتاب القيم الذي استطاع أن ينتزعني من اهتماماتي البلاغية، والتزاماتي الكثيرة، ويأخذني في رحلة ممتعة بقدر ما هي مفيدة. فهذا أحد الكتب القليلة التي قرأتها ـــ خارج التزاماتي العلمية ـــ من أولها إلى آخرها دُفعةَ واحدة. وهو يقدم رصيدا حجاجيا لمن يرصد بداية انفصال المغرب عن مسار التاريخ نحو الحداثة، بداية انفصال جهاز الدولة عن الشعب الذي سيسمى فيما بعد “مخزنا”.

الكتاب أخاذ من ناحيتين: أخاذ بمحتواه، وبطريقة عرضه، وأخاذ باللغة العربية الأنيقة التي ترجم بها من أصله البرتغالي مباشرة.

فشكرا للأساتذة المترجمين المحققين المقدمين: أستاذنا جميعا إبراهيم بوطالب، والزميلان عثمان المنصوري، ولطفي بوشنتوف، فقد أعطوا الحجة القاطعة على فضيلة العمل الجماعي القائم على تكامل الكفاءات.

موضوع الكتاب

نسَّق المؤلفُ[1] في هذا الكتاب مذكراتٍ مسجلة، وذكريات مسترجعة، مما شاهده أو سمعه، خلال مقامه في المغرب أسيرا عند ملتقى القرنين 16 و 17. أي في الفترة “الذهبية” من تاريخ الدولة السعدية، الفترة التي حكم فيها أحمد المنصور، ثم سنتين من بعده. وقد توجه اهتمام المؤلف، باعتباره أسيرا، إلى مجال الصراع السياسي والعسكري والاقتصادي، وما يتصل بذلك أو يلامسُه من قضايا اجتماعية. يرسم الكتاب بعناية مسار المغرب بعد معركة وادي المخازن التي حيدت دولة البرتغال، القوة الطامحة المزاحمة في ذلك التاريخ، وفتحت الصراع على شواطئ المغرب أمام أطراف متعددة: الأتراك، الإسبان، الإنجليز… الخ.

كيف حاول ملك المغرب، أحمد المنصور الذي حكم بين 1678 ــ 1604، تحقيقَ معادلة صعبة في الواجهتين الداخلية والخارجية:

المعادلة بين مطامع قوى دولية تسعى كل واحدة منها لإضعاف الأخرى وتحييدها للاستفراد بموانئ المغرب التي صارت تكتسي قيمة استراتيجة تجارية وعسكرية،

 ومعادلة الصراع على عرش المغرب، حيث لم يتوقف الصراع بين أبنائه، خاصة زيدان ومحمد الشيخ، على ولاية العهد، فضلا عن أبناء إخوته الذين صاروا أوراقَ ضغط خارجي، لدى الإسبان والأتراك.

وفي الكتاب رصد لحركات الدولة نحو الجنوب، حملات نحو شنقيط وﮔـاو وتمبوكتو في حركة تجارية صحراوية كانت في طريق أفولها، رغم ما جنت منها الدولة وقتها من أرباح.

كما يعطي الكتاب صورة واضحة عن عالم الأسرى في بلاط المنصور، وكيف أنهم شكلوا مجتمعا قائم الذات، وصار لهم استبداد بمجالات حيوية من صناعات وحرف وخدمات، وكانت لذلك انعكاسات سيئة كما سيأتي.

لا شك أن لانتصار المغرب في وقعة وادي المخازن دورا مهما في كبح الكثير من المطامع إلى حين، ولكن الحقيقة التي يخرج بها القارئ من الكتاب هي أن المغرب ظل طوال عصر المنصور في منزلة بين المنزلتين: لا هو لقمة سائغة يمكن للإسبان (الذين صاروا سادة البرتغال أيضا)، أو للأتراك المتربصين في الحدود الشرقية، ابتلاعُها بسهولة، ولا هو قوة قادرة على الخروج عن حدودها لقمع  مطامع  الآخرين, لا شيء يُسمع في هذه المرحلة عن الأسطول المغربي، بل جاء في آخر الكتاب أن المغرب لا يشكل خطرا على إسبانبا لأنه بدون أسطول[2]، وبذلك بقيت شواطئ المغرب مفتوحة أمام المتنافسين عليها.

على مدى سنوات ظل المنصور يماطل مطالب فيليبي والأتراك في تسليم العرائش[3]، كل يتذرع باتخاذها قاعدة عسكرية لردع عدوان الآخر، وهو يعلم أنها ستكون، إن سلمها، شوكة في حلقه قبل غيره.

حقق الضغط الإسباني جزءا من مسعاه حين فَرض على المنصور التخلي عن الراية التركية التي كان يحملها في مقدمة ركبه، فنزعت ومزقت ورفست[4] (ص 60). كان الاختيار بين الاسبان والأتراك حرجا. (ص 61). فقد كان كل منهما يؤوي واحدا، أو أكثر، المطالبين بعرش المغرب: في إسبانيا كان الناصر والشيخ، وفي تركيا كان إسماعيل ابن عبد المالك. (ص36 ـــ37، وص 64..). وكان المنصور يقرأ لهذه الأوراق ألف حساب وحساب[5]، وقد تأكدت خطورتها فعلا عندما دخل الناصر إلى المغرب.

يمكن للمرء أن يتساءل، اليوم، عن مدى علاقة هذا النوع من الاستقواء بالأجنبي بأنواع الحماية الفردية والدولية التي سيعرفها المغرب لا حقا، وكذا عن علاقة ذلك حاليا بالتجاذب بين الشرق العربي والغرب: هل سيظل المغرب في مهب الريح؟

العنصر الغائب في معادلة المنصور هو الشعب المغربي، ولذلك ظلت بدول حل..

المؤلف وزاوية النظر

الراوي هنا هو الأسير أنطونيو دي صالدانيا ابنُ أيرش دي صالدانيا قبطان طنجة. سقط الإبن أسيرا، مع نبيلين آخرين، في ضواحي طنجة سنة 1592، أي أربع سنوات بعد وقعة وادي المخازن. ومنها نُقلوا إلى مراكش ليقضي بها اثنان منهم أربع عشرة سنة في انتظار افتدائهم، ومات الثالث خلال ذلك.

حين يتعلق الأمر برواية أسير ذي حيثيات اجتماعية خاصة؛ قضى أربع عشرة سنة في قلب الدولة الآسرة بمراكش معززا مكرما باعترافه، فالأمر يتطلب تحديد زاوية النظر التي نظر منها إلى الأحداث أولا. لقد كان ــ في واقع الأمر ـــ أقربَ إلى رهينة، وإلى سفير، منه إلى أسير[6].

ولذلك يَفرضُ تصنيفُ هذا الكتاب، وبيانُ قيمته، أن نميزَ بين ثلاث زوايا كبرى للنظر: النظر من الخارج، والنظر من الداخل، والنظر الخارجي من الداخل.

1 ـــ النظرُ من الخارج، هو الذي عبَّرَ عنه المؤلف في الفصل الأول من الكتاب حين قال: “إن الكثير ممن كتب عن أحوال بلاد البربر، على خلاف مظاهرها، يصف سكانها بأقبح الأوصاف، راميا إياهم بالخيانة والكذب والطمع والبخل. فلا تسنح، حسب هؤلاء الكتاب، أدنى فرصة إلا وتراهم مندفعين…”[7].

2 ــ أما زاوية النظر من الداخل فهي التي نظر منها المؤرخون المغاربة الرسميون، أي الذين يتبنون وجهة نظر الدولة، ويقولون ما يرضيها فقط، مثل ابن القاضي (الذي أعلن بعنوان كتابه عن الغرض منه: المنتقى المقصور في مآثر الخليفة المنصور)، والفشتالي (الذي عنون كتابه: مناصل الصفا في مآثر موالينا الشرفا).

وتذكر كتبُ “المآثر” هذه بكتب “المناقب”. وهي الزاوية نفسُها التي اختار الإفراني، بعدهما، النظرَ منها في نزهة الحادي حين قرر غض الطرف عن مآخذه على العصر، والاكتفاء بما اعتبرَه من المحاسن، قائلا: “وكان المنصور، على ما هو عليه، من ضخامة الملك، وسعة الخراج، يوظف على الرعية أموالا طائلة يلزمهم بأدائها. وزاد الأمرُ على ما كان عليه الحال في عهد أبيه، حسبما سلف من ذلك مستوفى من ترجمة أبيه. وكانت الرعية تشتكي منه بذلك، ونالها إجحاف منه ومن عماله. وكان غير متوقف في الدماء، ولا هيابٍ للوقيعة في ذلك. وتتبُّع ما وقع في ذلك يناقض غرضَنا في هذا الكتاب من إغضاء عن العورات والستر على الفضائح[8].

3 ـــ ورغم أن أنطونيو دي صالدانيا يوجد في الموقع الأول، أي النظر من الخارج، من حيث انتماؤُه الأوروبي/الإيبيري/ النصراني/ المسيحي/ الكاثوليكي، فإن ظروفَ حياته في “الأسر”، وظروفَ تحرير الكتاب، والغرضَ منه، كَيَّفتْ مجتمعةً نظرَه بقدر كافٍ جعلَه ينزاح ُعن قطبي الداخل والخارج، ويتنبهُ إلى أمور تخرج عن مرمى نظريهما: لقد سمح له موقعُه كنبيل بالاتصال بمواقع القرار ومصادر الخبر في الضفتين: في مراكش (من خلال رجال الدولة الذين تعرف عليهم)[9]، وفي بلاط فيليبي الثاني (من خلال السفراء ورجال الدين والتجار الذين يقومون بوساطات أنجعَ مما يقوم به السفراء، وقد حظي بعضهم بثقة المنصور)[10]. بل كسَب ثقة المغامرين الرابضين في الداخل، والمحتالين القادمين من الخارج.

وهذا ما يفسر امتلاكه للكثير من المعطيات المرقمة[11] ، والتفاصيل الدقيقة (التي أترك اختبار صدقها للمؤرخين، مع وجود قرائن كثيرة تدل على تحريه). ولا شك أن هذه العلاقات تأسست على رصيد ثقافي/اجتماعي، فهو نبيل وأبوه هو حاكم طنجة، كما سبق. فلا مجال مثلا للمقارنة بين حضوره في بلاط المنصور وحضور طوماس بيلو في بلاط المولى إسماعيل، كما رواها جيل ملتون في الرقيق الأبيض، فالثقافة والحظوة فرقت بين اهتمامات الرجلين.

ولذلك فإنه لم يكن سجينا عاديا يعاني الآلام، وينطوي على الرغبة في تصفية حساب صغير. وبعبارة أخرى فإن مذكراته ليست مرافعة من أجل إبلاغ مظلمة شخصية، بل هي للعبرة والمعرفة أولا وفي العَلَنِ، وقد حُررت بعد ثلاثة عقود، أي بعد مدة كافية للهدوء والتأمل. يقول في بيان الغرض من التأليف مخاطبا ابنَه الأكبر: “ولي رغبة، أيها الولد أيرش دي صالدانيا، في عرض هذه الذكريات على أنظارك، فلا بد أن أحكي لك ما كان من حياتي خلال الستين سنة التي مرت منها، والتي قضيتُ أفضلَها في بلاد البربر، حيث شاهدتُ وقيَّدت العديدَ من الأشياء التي من الضروري أن تَطَّلع عليها هذه المملكة الإسبانية، فنحن اليومَ، طوعا أو كرها، من رعاياها…”. (ص 21).

لا شك أن عبارة: “قضيتُ أفضلَها في بلاد البربر”، لم يكن من الممكن أن تُفلتَ من الرقابة الذاتية لو بقي المؤلفُ في الموقع الأول، موقعِ النظر من الخارج مائة بالمائة. من البديهي أن المؤلف مارس الاختيار، اختيارَ الأحداث وتوجيهها وجهته الخاصة، كما أنه اختار الألفاظ للتمييز بين الحالات. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال تقديمه لحادثة جمعتْ مغربيا ومسيحيا اشتركا في الغدر برفيقين لهما:

 فبعد فتك المنصور بجيش زواوة في مجزرة رهيبة فـــر أخوان (من إخوة أربعة قتل اثنان منهم) في اتجاه البحر مُحمَّليْن بمال كثير. وبعد ثلاثة أيام من السير التقيا، على مشارف مازيغن، بمسيحي فار بدوره يرافقه مرشد مغربي. “وما كان من المغربي إلا أن أراهما القلعة. وأخرج الزواويان ما كان معهما من الزاد فأكلوا جميعا منه. ثم إن الزواويين اللذين كان التعب قد نال منهما كل مَنالٍ تمددا ليناما دون أدنى ارتياب. فقال المغربي، الذي يبقى مغربيا في كل مناسبة[12]، للنصراني بأن هذين الشابين زواويان هاربان من مراكش، يعرفهما، ولا شك أنهما مثقلان بالمثاقيل. فلو قتلاهما لدخلا مازيغن أغنياء. ولم ير أنطونيو كاليليو (Antonio Galego) ، فهذا اسم ذلك النصراني الهارب الذي لم يكن على ما يبدو شديد الورع، بأسا في الأمر”.(ص 54 ــ 55).

وبعد أن يُعلق على استبداد المغربي بالنصيب الأوفر من الغنيمة يقول: “كانت قلة وفائه في مستوى جشعه”. ثم يذكر أن المغربي حاول التخلص أيضا من النصراني مغريا إياه بالنوم، ولكن الآخر كان حذرا فقتل المغربي وتحمَّل جرحه وبعضَ المال إلى مازيغن، التي أسرع حاكمُها إلى استجلاب الباقي. (ص 55).

لقد تبنى المؤلف وجهةَ نظر النصراني بدون تحفظ، ثم ميز بين النصراني والمغربي في الصفة. وهو تمييز غير مبرر إلا بالتحيز. فالمغربي قليل الوفاء كثير الجشع، في حين أن النصراني غير شديد الورع[13]، أي أنه ورع على كل حال، فما دون الشدة درجات من الورع. وقوله: “المغربي يبقى مغربيا في كل مناسبة”، حكم يقربه من النظر الخارجي. بل في الكتاب عبارات يصعُب التعليقُ عليها في جملة أو جمل قليلة، مثل حديثه عن “عظمة هؤلاء الهمج”. (ص 293).

وعليه فخطاب المؤلف يتأرجح بين الرغبة في الظهور بالموضوعية وبين المُسبقات الدينية والحضارية التي تجد فرصةً للظهور بمناسبة ما يُلاحظه من سلوكات شاذة. وأفترضُ أن تركيزَه على هوس المنصور بالمجوهرات قابلٌ لأن يوضع بين قوسين، وتحت علامة استفهام: هل كان الأمر كذلك، أم إنه نوعٌ من التنميط الذي نتج عن اتصال المُكتشفين (في ذلك العصر) بأقوام بدائيين، في أمريكا ومجاهل إفريقا، واستغلال سذاجتهم بإهدائهم المرايا والنواقيس مقابلَ ثرواتهم الطبيعية؟ وقد بلغتْ هذه الصورة قمةَ النمطية حين دفع المحتالُ شيرلي مجوهرةً بدون قيمة كبيرة لملك مراكش، أبي فارس، فديةً للنبيلين اللذين دام اعتقالهما أربع عشرةَ سنة في انتظار فدية تبدو معجزة! وحتى لو كانت الأحداث على وجهها فدلالتها الرمزية سيئة إلى أقصى حد[14].

نأخذ كل ما ذُكرَ، وما يشبهه، بعين الاعتبار، ونؤكد أنه يمكن أيضا إدراك مدى انزياحِه عن “زاوية النظر من الخارج” في الفصل الأول نفسه الذي قدم فيه ذلك التصور الخارجي، كما سبق. فقد نسبَ ذلك التصور إلى “الكثير من الكتاب”، ولم يُعممه:. لم يُعلن إدانتَه بوضوح ، كما لم يُعلن تبنيه بوضوح، بل أضاف عبارة: “حسب هؤلاء الكتاب”، ليضع مسافة بينه وبينهم.

وقد ترجم تلك المسافة من خلال تفسيره لتلك الصفات السالبة: فهو لم ينسُبها لا للدين الإسلامي، من حيث هو رسالة، ولا للجنس البشري العربي البربري، بل نسبها للظروف السياسية والفكرية. يرى أن الداء في بلاد المغرب كامن في وجود حلقة مفرغة، تبتدئ من حيث تنتهي، بين رجال الدين ورجال السلطة والمُلْك: “يمارس رجال الدين، تحت مظلة الصلاح، نفوذا يجعل من المستحيل أن يتغير شيء في هذه الممالك ما لم يكن في هذا السياق. وإن كبار سادتهم هم الشرفاء الذين يقتدي الناس بتصرفاتهم. وذلك أخشى ما يخشاه ملوك المغرب”.

 لماذا يخشونه؟

لأنه يقرب الهشيم من النار. والهشيم يصنعه المخزن، ويجففه، بالظلم والقهر: “ولا دواء لهذا السلوك [التمرد والثورة] لأن سببَه من نفسه. ذلك بأن ما يمارَس على الناس من أشكال الجور والإهانة، بصفة كونهم رعيةً، لدى جباية الغرامات وباقي ما يفرض عليهم من الضرائب يجعل أغنياءهم كذلك لا يعيشون إلا في العوز“. (ص 23). وهذا ما لا يُبقى أمام المغاربة خياراً غير التمرد، حسب قوله.

بهذا الفهم الموضوعي لسبب سلوك المغاربة ينزاح المؤلف قليلا عن جهة النظر الخارجية التي من شأنها أن تسقط في التفسير الأسهل: الديني والعنصري. ومع ذلك يبقى الفكر الاستعلائي الذي سيُقنِّع بشاعة الاستعمار بقناع “الحماية” قائما. التاريخ لا يرحم، لا بد للقافلة أن تسير، ولا بد للمتقاعس أن يُرفس.

وعموما الرصيد الثقافي المخالف سمح للمؤلف بالتقاط ملاحظات وقضايا لا تثير انتباه المؤرخ المحلي، الذي تبدو له الأمور عادية ومنسجمة. وهذه أمثلة للاستئناس:

1ـــ المعاملة المهينة للزوجة، والمرأة عموما. وقد توقف عند هذه القضية بقوة بمناسبة حديثه عن إصرار أحمد المنصور على الزواج من بنت أحد أعيان القصر الكبير دون رضا الأب، ودون أخذ رأي البنت، الشيء الذي أدى إلى موت الأب والبنت معا.

كان أحمد المفضل تاجرا ثريا من أصل أندلسي، يعيش حياة متفتحة، أشبهَ بحياة الأوروبيين. “وكان له… ابنةُ غاية في الجمال يعتني بتربيتها… ويعلمها القراءة والكتابة باللغة الإسبانية، ويدفعها إلى قراءة مؤلفات الفروسية”. (ص. 188). وعندما علم الملك بحالها رغب في الاستئثار بها. “ولما كان المفضل عارفا بعادة المغاربة جَعْــلَ نسائِهم إماءً بسبب قلة ما تُعامل به النساء من الاعتبار في أرض المغاربة لم يُـجب بوضوح أولئك الذين كلموه في هذا الشأن (ص 188).

ولكن الملك باغته، وهو يودعه برفقة قائد القصر الكبير، بخطبتها، “ودون أن يترك له فرصة الرد، قال له بأنه سيبعث، في الحين، من يحضرها”. انهار الرجل، “واستند بذراعه إلى الحائط، ومن دون أن ينبس بكلمة، حُمل إلى خيمته حيث توفي بعد ست ساعات”.  (نفسه).

سجل المؤلف “قلةَ ما يُعارُ من اعتبار لعواطف المحبة في هذه البلاد” ، ثم قال: “ولم يحُل هذا الأمرُ دونَ رغبة الشريف الهمجية. ذلك بأنه أرسل، بعد موت المفضل، في طلب الفتاة التي توفيت بدورها بعد شهرين”.

وجاء في مكان آخر من الكتاب:

“ولم تكن للشريف، إلى ذلك الحين، امرأةٌ حرة، كما يقولون، عن الزوجات الشرعيات، فتزوج اثنتين..”. (ص 40).

فكلمة “شرعية” تثير شبهة حولَ طبيعة العلاقة مع أخرى غير شرعية، يسميها المؤرخ المحلي “أم الولد”، أو”الأمة”، دو أن يفكر في شرعيتها التي سيلغيها التاريخ بعد ثلاثة قرون (1920).

2ـــ من الملاحظات التي لا تخطر للمؤرج المحلي على بال ما جاء في حديثه عن خِصب سهول دكالة وتامسنا (والغرب أيضا) حيث قال: “تلك السهول التي هي من أخصب الأراضي في الدنيا، وأغزرها إنتاجا، لما يرويها من كثرة الأنهار النابعة من جبال الأطلس. ولو كانت متقنةَ الزراعةِ لكان من شأنها أن تموِّن ممالكَ أوسعَ وأقوى. فإن ما بين تلمسان التي يبتدئ عندها المغرب الأوسط، وبين آخر سوس مائة وثمانون فرسخا بالطول، وستون بالعرض في عدة جهات”. (ص 26).

من المعلومات الطريفة التي أوردها الكتاب، مما يتعلق بالفلاحة، النجاح في تخصيب نخيل مراكش: “وقد غرس الشريف في الحديقة الأشجار من كل صنف، والكثير من أشجار النخيل الذي يثمر بالتأبير بعد خمس سنوات، أو ست سنوات، قبل أن يكتمل طولُه، مما لم يسبق له نظير. وتمارُه ممتازة بفعل التأبير، لكن يستحيل تصديرها إلى إسبانيا لأنها تتعفن عند عبور البحر” (ص 73).

 ولعل المهندسين الزراعيين المغاربة الذين انشغلوا، في العقود الأخيرة، بإثمار نخيل مراكش لم يسمعوا بهذا الخبر.

3ـــ التفريق بين الكرم والسفه، وهو الأمر الذي ما زال المغاربة عاجزين عن إدراكه إلى اليوم: “الجود والكرم مستحسنان في كل مكان، لكنهما عند المغاربة في درجة من الاعتبار كانت تكفي ليتعلق بالمولى الشيخ هذا كل فاسد مفلس… وكان من نتائج سلوك الجند الفاجر، وضخامة الرواتب التي يؤديها المولى الشيخ لهم … أن تهافتَ الناس عليه، ولم يتورع القواد في استقطابهم ليستعملوهم في أغراضهم الشخصية. وكان منهم الأندلسيون وشراكة، والآتون من شرق تونس وزواوة الذين مجال عيشهم بين تونس وفاس، والأتراك.. والعلوج من البرتغال وإسبانيا”[15].

وقد جاء هذا التعليق الساخر في سياق حديثه عن إدمان محمد الشيخ حاكم مراكش وتشبت القادة به لكرمه! وهذا الفهم للكرم مما مدح به المنصور من قبل الفقهاء والمغنين والمتملقين من كل لون.

4 ــ ومن الملاحظات التي سجلها المؤلف مما ليس من شأنه أن يثير الناظر من الداخل كون “الجرائم الموجبة للعقاب كانت تفصل في بلاد البربر شفهيا”. (ص. 118). أي بدون محاضر. ولا شك أن مصدر عجبه ناتج عن المقارنة بين ما يجري في المغرب وما يجري في الضفة الأخرى[16]. أما ما لا خطر للناظر من الخارج أيضا فهو إعجابُه ببعض الإجراءات الناجعة التي تتيح السرعة في إصدار الأحكام وتنفيذها، والتي تمنى لو استفاد منها القضاء في بلاده بعيدا عن المساطير المعقدة التي تعوق التنفيذ[17].

من دولة الأسرى والعبيد إلى دولة الريع والقمع

1ــ دولة الأسرى والعبيد

من أعراض الصراع وتوابعه، في محيط المغرب، أن صارت تجارة الأسرى تجارة رائجة ومطلوبة، مثلها مثل تجارة السلاح والبضائع الاستهلاكية، إن لم تكن أكثر.

القراصنة التابعون للدول المحيط بالبحر الأبيض المتوسط، والأخرى البعيدة عنه (مثل بريطانيا وهولاندا)، أو العاملون تحت حمايتها مقابل إتاوات، يجوبون الشواطئ ويقتحمون القرى والمدن في الضفتين، ويحملون بضاعتهم إلى هذا الميناء أو ذاك لبيعها. كان الإنسان سلعة يُتبادلُ كالصكوك. هناك تجار نخاسون يشترون الأسرى، ومبعوثون يتفاوضون من أجل فدائها في الضفتين. حين هجم الرايس مراد الجزائري/التركي على جزيرة لانسيروطي قاد مئات الأسرى منها إلى ميناء أسفي، وما إن عرف المنصور بوصولهم حتى وجه من يشتريهم جميعا. (ص.138). وكان لأبي الحسن، حاكم تادلة، تجار (نخاسون) في تونس والجزائر[18] يشترون لصالحه ما يجلبه قراصنة تلك البلاد من أسرى أوروبيين. وقد بدأت حكاية هؤلاء الأسرى في الكتاب مع معركة وادي المخازن.

وحسب الكتاب فهذا الرقيق الأبيض ليس تجارة عامة، بل هو مما تحتكره الدولة ومحيطُها مثلما تحتكر السلاح وصناعة السكر والملح. إنه جزء من العملة الصعبة، من جهة، وعنصرُ تغيير (أو تحديث)، من جهة أخرى. فحين ننظر في عمق الظاهرة نجد أن حرص الدولة على العنصر النصراني يرجع لسببين:

1 ــ أولهما، محاولة الخروج من الولاء القبلي للأفراد، وجعل ولائهم للحاكم وحده. لذلك صارت للعلوج، وهم النصارى الذين أعلنوا إسلامهم[19]، مكانةُ الصدارة في الحرس السلطاني. الذي صار جزءٌ منه عسكرا نظاميا يحقق التوازن مع “الحشود” القبلية التي لم يكن من الممكن بعدُ الاستغناءُ عنها، ولا الاعتمادُ عليها مائة بالمائة[20]. وفي امتداد العلوج يوجد الأندلسيون والأتراك المجندون الذين يوجدون في منطقة بين العصبية القبلية والاحتراف[21].

2 ــ وثانيهما، الاستفادة من المهارات والخبرات والمستوى الثقافي المديني بصفة عامة، وهو المطلب الذي دُعِّم باستجلاب الصناع المهرة في مختلف الصنائع من سائر البلدان الأوروبية.

لقد استورد المنصور الصناع المهرة في كل الصنائع، ولكنه لم يهتم بتبييئ هذه الصنائع وتحويلها إلى معرفة وعلم يتطوران محليا، بل كان يخاف ذلك. ولذلك بقي التعليم على ما كان عليه بين الفقه والشعر: الفتوى والمديح، وما إلى ذلك مما تزخر به المراجع المغربية، مثل مناهل الصفاء ونزهة الحادي. ولذلك تردد في صناعة المدافع لأنها ليست فاعلة في البيئة القبلية المتحركة، ومع الأعراب المنتشرين في الجبال والسهول، بل رأى أنها ستكون أكثر فعالية  في أيدي البدو ضد الحواضر.

وهذا الواقع ليس خاصا بالمغرب بل هو عام في دول شمال إفريقيا كما يظهر من جواب السلطان العبدوادي عبد الرحمن بن موسى معتذرا عن عدم إمكان إطلاق سراح كل الأسرى: “وأما ما أشرتم إليه من تسريح جميع من عندنا من الأسارى فذلك ما لامكن أن  يكون… لأنَّـ[ـكُم] تعلمون أنـ[ـه] ما عمَّر بلادنا إلا الْأُسارى، وأكثرهم صناع متقنون في جميع أنواع الصنائع”[22].

وبذلك بقيت المشاريع الصناعية التي ذكرها المؤلف معلقة في الفضاء لتنهار مع أول زعزعة. لقد سجل المؤلف اهتمام أحمد النصور بالصناعة العسكرية والحربية كنتيجة للاستقرار، كما أشار إلى التخريب الذي لحقها بسبب الفوضى الناتجة عن الحرب بين أبناء المنصور.

والحقيقة أن المرأ ليقف مشدوها أمام ما تحقق في مجال إنتاج السكر، حيث بلغ عدد العاملين فيه عشرات الآلاف، يعملون في 18 معصرة[23]. قال: “وشرع الشريف يقيم في مملكة سوس كلها العديد من معاصر السكر، لأن كثرة الماء في الجبل تجعل القصب ينبت في حجمٍ وجودةٍ لا نظيرَ لهما في أي بقعة أخرى من الدنيا. وقد كان له عند وفاته ثماني عشرة معصرة من ذلك، يشتغل في كل واحدة منها ما لاقل عن ألفي[24] عامل، ينقلون الحطب اللازم على أزيد من مائتي عربة”. (ص 76).

وعندما مات وتنازع أبناؤه الملك خربت في أقل من سنتين، وأصبحت أثرا بعد عين.

وأمر المنصور بإقامة صيدلية لتقطير الأدوية والمشروبات المنعشة، “كما أمر بإقامة معمل تصهر فيه قطع المدفعية، ويصنع البارود بوفرة..ومعملا لصناعة البنادق والسيوف وسروج الخيل ..ومعملا لصناعة الزليج الملون من مختلف الأصناف” (ص73).

إلا أن العلة في كل ذلك أمران:

أولهما، عدم تبييئ هذه الصنائع فَــ”القيمون على كل هذه المعامل معلمون إنجليز وفلامنك وفرنسيس، أما العمال فمن أسرى النصارى” (ص 73). “وكان المنصور … يكاتب ملكة إنجلترا، وبلاد الفلامينك، وفرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، وبخاصة فيها الدوك دي مدينا سيدونيا، ملتمسا من الجميع أن يبعثوا له بما كان مفضلا عنده على كل شيء، وهم العمال الماهرون بكل الصناعات”. (ص 76).

والعلة الثانية هي عدم الاستمرار الناتج عن عدم الاستقرار، وهذا طابع تاريخ المغرب: تاريخ البناء والهدم: هدم البنيان والذاكرة. أمة بدون أرشيف.

فإذا أضفنا إلى كل ذلك تكليف اليهود والتجار الأوروبيين بكل المعاملات المالية والتجارية والتفاوضية مع الجوار فسنلاحظ أن جهاز الدولة وما يتصل به من صناعة وتجارة ومال صار منفصلا بشكل تام عن كل ما هو مَـحَلِّـيٌ… (لم يظهر عنصر محلي في المجال التفاوضي والتجاري مع العالم الخارجي إلا في اتجاه الجنوب (إفريقيا)؛ حين وجه الملك طالبين في بعثة استكشافية إلى ﮔــاو وتنبوكتو تمهيداً لغزوهما وتخريب نسيجهما الاجتماعي والإقتصادي المبني على استخلاص الذهب من وادي من وديان المنطقة. فما كاد “الطالبانِ[25]” يرجعان من استطلاعهما المُقنَّع بالدعوة إلى الدين الخالص حتى انطلقت الحملة العسكرية[26]. أما في غير ذلك فلا نسمع بغير قواد الجيش، وجباة الضرائب والمغارم. لقد فُهم أن أساس الملك الوحيد هو الضبط وتأمين طرق الاتصال[27].

هنا يطرح بقوة مدى الإنفصال الذي بدأ تدريجيا بين البنيات القديمة والبنيات الجديدة التي سيلعب فيها العلم والتكنولوجية دوراً حاسما، وستترتب عليها الحماية والاستعمار.

2 ـــ دولة الريع والقمع

يقول المؤلف:

“أمر الشريف، سنة 1585، بتوزيع عساكره بقصد جباية ما تقرر من الضرائب. ولذلك عين عددا كبيرا ممن له الثقة بهم قوادا، فاتحا أمامهم أبواب الغنى وبناء الدور الفاخرة الشامخة، ومرخصا لهم في تجنيد ما طاب لهم من الجند، حتى احتشد من الجند 16 ألفا في مراكش، علما بأن المولى الشيخ كان له منها، في فاس، عشرة آلاف” (ص. 83).

هذا النص خطير لأنه يربط مباشرة بين الإجراء والنتيجة: انهبوا لتتمتعوا[28]!

“ما إن عاد الشريف إلى مراكش [1588] حتى بعث البعثات العسكرية لجباية الغرامات. ثم إنه أعطى المثال والنصيحة لقواده ليشيدوا فاخر الدور، ويغرسوا أجمل الغرسات، ويأتوا بالماء بالسواقي الكبرى لدورهم وغرساتهم..” (ص 68).

يبدو من الكتاب وكأن العلاقة الوحيدة التي بقيت تربط بين الدولة والمواطنين، طوال عهد المنصور وأبنائه، هي استخلاصُ الضرائب والغرامات والحشد والتجييش في الصراع الدائر بين أعضاء الأسرة المالكة. وأحيانا يصطدم جباة “مَلِكيْن” في منطقة واحدة، كما وقع بين الفرق العسكرية التي وجهها كل من أبو فارس، من مراكش، وعبد الله بن الشخ، من فاس، لاستخلاص الضرائب والغرامات من تامسنا. ففي مثل هذه الظروف لا يبقى هناك جدول لها، أو موعد سنوي لحلولها، ولا حد لتحديد قيمتها[29]. تحل الضراءب والجبايات كلما قلبَ أحد المتنازعين ميزان القوة لصالحه: بمجرد ما يدخل مدينة ويطرد خصمه خارجها يرسل الجباة بالبنادق والمدافع لاستخلاص الغرامات، ويقرن الناس في السلاسل حتى يؤدوا ما يطلب منهم، أو يكون مصيرهم أسوأ من ذلك.

بعد انهزام زيدان في ضوحي تادلة وفراره “وصل مولاي الشيخ إلى فاس … فبويع ملكا، وأعطى للجنود راتب ستة أشهر، كما سبق أن وعدهم، وصرف الفرق العسكرية المراكشية جِدَّ راضية وفْقاً للاتفاق الذي أقسم عليه سابقا… وتوزعت الفرق العسكرية على المناطق، واشتغلت بجمع الغرامات على طول الطريق، وبعد مضي أربعة أشهر دخلت جميعها إلى مراكش محملة بالثروات، ومكللة بالنصر”. !!. (ص 265).

ومن الطبيعي في هذه الحالة أن يتضجر السكان ويتذمروا ويثوروا، يقول: “الأعراب لا يؤدون الغرامة إلا مكرهين مكبلين بالسلاسل. ولا بد عند الجباية من ألْفِ رجل، ومائتي فارس، الذين يخيمون في عين المكان، وتكون نفقتهم على أهل البلاد..” (ص 52 ــ 53).

وكلما مرحت “حَرْكَة” الملك بمكان إلا وأرسل الجباة يجمعون نفقاتها من الشعير والقمح، والسمن والكباش..الخ. ويطلب من الناس أن يبلغوها بأنفسهم إلى المكان الذي ستحل به الحركة.

بسبب هذه الضرائب الثقيلة، والمغارم العديدة، التي لا تخضع لمنطق أُفقرَ الأغنياء، كما ورد في نص سابق، وأصبح أصحاب الممتلكات الكثيرة يعيشون في فقر، ويعتمدون الكنز والظهور بمظهر الفقر. وتكفي أن تشيع شائعة بوجود ثروة عند أحدهم لكي يكون ذلك نقمة على صاحبها عاجلا أم آجلا (حين يذهب سلطان، أو من يحميه).

وتجاوَز قهرُ الرعيةِ والاستهتارُ بالمواطنين، أحيانا، استخلاصَ الضرائب والغرامات إلى تخريب البيئة واحتكار منتوج من المنتوجات:

فمن التخريب ما ذُكر في سياق ثورة الأهالي بدعم مرابطيْن في جبال الأطلس، سنة 1583، “على ما تقترن به العقود المبرمة مع النصارى من الاستحواذ على الأراضي لغرس قصب السكر، فوقع سكان تلك الجبال في الفقر المدقع، وانقطعت أسباب عيشهم، وصار الناس يتكتلون، ثم إنهم هجموا على إحدى المعاصر ودمروها، ونهبوا التجار اليهود الملتزمين بها، والمستغلين لها، وقتلوا بعض من تصدى للدفاع عنها من المسلمين” (ص 72).

وكان رد فعل السلطان أن جهز جيشا، وقتل السكان، وسلخ جلدي الشريفين حَيَّيْن. هذه الواقعةُ أشبهُ بما يقع اليوم في كثير من مناطق المغرب التي يُرخَّص فيها للشركات باستغلال أراضٍ فلاحية، أو معادنَ أو مياهٍ بشكل يُقوِّضُ حياةَ السكان المحليين المبنية على قدر من التوازن الطبيعي، فيتحرك السكان بدعم من بعض منظمات المجتمع المدني[30].

ومن الاحتكار تَفَرُّد أحمد المنصور بتجارة الملح، وتخصيص مكان لاستخلاص أجوده بين مراكش وأسفي.

“ثم إنه احتكر لنفسه تجارة الملح، وأمر بصنعه في مرجة واقعة بين أسفي ومراكش، على بعد خمسة فراسخ من أسفي، وذلك من عجائب الطبيعة، حيث يتبجس في ذلك المكان عين في حجم إنسان، ماؤها من أعذب ما يكون. ولكن ذلك الماء لا يتصل بتلك التربة حتى يتحول ملحا لا يفوقه في الجودة ملح ستوبال (Setubal). ويستخرج من هذا الملح كل سنة ما لا يقل عن أرعين ألف مد يحتكره الشريف لنفسه. إذ لا يُستهلك سواهُ في باقي مدن البلاد، وفي التجارة مع الزنوج. ويستخلص منه الشريف ثلاثمائة ألف كروزادوش”[31].

 ومن المعلوم أن هذه المادة كانت دائما وسيلة لعيش بعض القبائل والمناطق. وأذكر أن مطاردة المولى إسماعيل لشريف تاساوت (الزرهوني) التي سجلها ابنه في كتاب: رحلة الوافد في أخبار الوالد، كانت بسبب منجم للملح. ولكي لا يستغرب القارئ الحديثُ هذا الأمرَ أو يستهينَ به، ينبغي أن يعلم أن الملح هو المادة الرئيسية في مبادلة الذهب مع التجار الذين يجلبونه إلى درعة وتافيلالات من جنوب الصحراء[32].

لقد “تعلم الشريف من التجربة (حسب عبارة المؤلف) أن أسباب العظمة في زمانه كلَّها هي التجارة”، كما تعلم أن التجارة تقتضي أن تكون هناك صناعة توفر بضائع للتبادل، فسعى لبناء دولة على هذه المفاهيم بعيدا عن شعبه، وبعيدا عن المعرفة العلمية، فكان كمن يبني قصورا من الرمال.

فتح سوقا نحو الشمال من خلال صناعة السكر، وسوقا نحو الجنوب لترويج الملح. وبين سكر الشمال وملح الجنوب ذاب المواطن المغربي، ولم يعد يُقرأ لوجوده حساب. كل ما بقي له من من المحليات: الفقهاء والشعراء والنساء[33].


[1] ــ ذكر المترجمون، في التمهيد، أن أنطونيو دي صالدانيا “كلف أحد الكتاب المتمكنين” بالصياغة النهائية لمذكراته. (ص 11).

[2]  ــ  قال المؤلف، في آخر الكتاب (ص 247): “باستثناء حصار بعض المراكز الحدودية، لا شيء يخشى من المغاربة، لأنهم يفتقرون إلى الأسطول”. وقال قبله (في الصفحة 41): “والخطر على الشريف أكبر لعدم توفره على أسطول يحمي حماه” (من التهديد التركي).

 عرض الأستاذ أحمد بوشارب “محاولات عودة المغاربة إلى البحر خلال النصف الأول من القرن السادس عشر..” في دراسة بالعنوان المحصور قبله. نشرت ضمن أعمال ندوة في الموضوع (1996). بعنوان: البحر في تاريخ المغرب. ضمن سلسلة الندوات (رقم 7) الصادرة عن كلية الآداب بالمحمدية. (ص 85 ــ 108). وهي توسيع لجانب من دراسة سابقة للباحث بعنوان: “المغاربة والبحر خلال النصف الأول من القرن السادس عشر ـــ بحوث. كلية الآداب المحمدية.ع 4.سنة 1991.(ص 53 ــ70). جاء في تلخيص الدراسة السابقة في مقدمة اللاحقة: “…بينا محاولات الشرفاء السعديين الجادة…كما بينَ البحث المذكور الأسباب التي أدت إلى إجهاض تلك المحاولات”. (85).

[3] ــ انظر الصفحة 59.

[4] ــ رفض السفير الإسباني أن يتجاوز عتبة خيمته لمقابلة الملك “ما لم تنحَّ تلك الراية التي كانت وصمة عار في حق أخ لملك إسبانيا في السلاح… عندئذ أمر القائد سليمان أربعة جنود بالإطاحة بالراية، ففعلوا من توِّهم، وسحبوها على الأرض، ومزقوها شر ممزق”. (ص 60). وبعد هذا الحدث خَيَّرَ المنصورُ مَنْ كان عنده من الجنود الأتراك بين العودة إلى تركيا مع راتب ستة أشهر والخيل التي تحمل أمتعتهم، وبين البقاء في مراكش على ما كانوا عليه، فاختاروا البقاء في مراكش. (ص 61). وبعدها ودع سفير إسبانيا بالذهب الكثير. (نفسه). وكانت الراية التركية قد سلمت لعبد المالك الذي استنجد بالأتراك (ص 81).

[5] ــ عندما جاءته كثيبة من الفرسان ببشرى فرار ابنه محمد الشيخ من فاس طابلة هدية البشارة ــ وكان الشيخ يشكل خطرا حقيقيا على ملكه ــ طلب من ابنه زيدان، الذي استقبلهم باغتباط وحماس، أن ينتظر حتى يتأكد أن الهارب لم يخرج إلى بلاد النصارى. (ص.244).

[6] ــ  أفكر في الأميرين السعديين اللذين يحتفظ بهما فيليبي الثاني للضغط على عمهما ملك المغرب، وأفكر أيضا في علاقة المؤلف الوطيدة بالمبعوثين والسفراء الواردين على مراكش.

[7] ــ  أخبار المنصور ص 23. والتشديد من عندنا، في جميع النصوص المأخوذة من الكتاب.

وفي إدانة هذا الاندفاع يقول، في سياق الحديث عن معركة وادي المخازن: “وهي المعركة التي تحدث عنها فرانكي (Franchi) ومندونصا (Mendonça) بما لا يخلو من حمية. أما فرانكي فلكونه أراد الكلام بدون تحفظ على بعض خصائص البرتغاليين متذرعا، بغير صواب، بكونه أجنبيا..وأما مندونصا فلأنه أطلق العنان للغضب بأكثر مما تحتمله حرية التعبير في التاريخ رغبة منه في دحض ما جاءت به قراءة فرانكي”. (ص 25). فبهذا التقويم يضع المؤلف نفسه في موقع وسط بين الموقعين المتطرفين.

[8] ــ نزهة الحادي. ص 158.  ط2. مكتبة الطالب. الرباط.

[9] ــ من الشخصيات التي نوه بعلاقته بها القائدُ ﮔـاوحي بوكرزية وأبناؤه. جاء في الصفحة 253: “وعارض سيدي ﮔـاوحي بوكرزية هذه الخطة، حسب ما حكى لي هو نفسه عدة مرات، فيما بعد”. ومنهم قائد القصر الكبير أحمد بن عبد الله (بلكوش). (ص 271). ورجال الدولة في المغرب يثقون، إلى اليوم، بالأجنبي، ويبوحون له بأسرار الدولة التي لا يبوحون بها لأقرب أقربائهم من المغاربة. وتزداد الثقة حين يكون القائد أو المسؤول من أصول أوروبية. فمما له دلالة أن القائد عبد الله سنكوس، الذي كلفه السلطان أبو فارس بمرافقة الأسيرين (المؤلف وصاحبه) إلى أسفي عند إطلاق سراحهم، فَرَّ معهما في نفس الباخرة (وهو أسير قديم). (ص 283).

[10] ــ من هذه الشخصيات الأب مارين. ومن دلائل هذه الحظوة أنه لما “عجز السفير بنيـﮔاس عن معرفة ما عاد به المغاربة من تركيا… رأى أن يستعين بالأب مارين الذي كانت حظوته لدي الشريف تتجلى بأشكال مثير للانتباه…لدرجة أن كل من كان صديقا للأب مرين يحصل على ما يريد”. (ص 58). وجاء الأب مرين بالسر وهو طلب تسليم العرائش، وحيرةُ الملك في إلى مَن يسلمها (ص 59).

[11] ــ من ذلك أن المنصور حين قرر الذهاب إلى مراكش بعد وقعة وادي المخازن 1579 صرف “الفرسان الذين كانوا معه إلى قبائلهم اقتصادا في النفقة”. ثم دخل مراكش وفي ركابه: 2500  نصراني، و 4000 أندلسي، و 2000 من الأتراك، 4000 من زاواوة، و 4000 من شراكة، و2000 من الصبايحية الحاملين لنوع خاص من البنادق، .. يضاف إليهم 2000 من العلوج. (ص 44).

[12]ــ ولكنه يقول في موضع آخر: “حتى في بلاد البربر هناك من يعيش على التقوى وفق ناموس الطبيعة”. (أخبار المنصور 203).

[13]  ـ واستعمل صفة “قلة الورع” في وصف سلوك الهولانديين الذين يمدون المنصور بالسلاح: “ومن قلة ورع الهولانديين أنهم كانوا يزودونه من مختلف أنواع الأسلحة؛ من بين رماح، وحديد وسيوف، وبنادق وبارود، وكل أصناف العدة…”. (ص 43 ــ44). إن صفة الورع تحمل مفارقة! فالهولانديون يَقدحون ـــ من وجهة نظره ـــ في تدينهم المسيحي بالتعامل مع غير النصارى.

[14] ــ ذكر المؤلف، في سياقات مختلفة، أن هناك عقلاء، في جميع المواقف، ولكن لا يُستمع إليهم. وبهذه المناسبة ذكر أن الملك أبا فارس أرسل الجوهرة بعد الاتفاق مع شيرلي إلى القائد عزوز لإبداء رأيه في العملية فكان جواب القائد العجوز: “ما دام الملك قرر الانصياع لنزواته فيمكنه أن يفعل ما يريد. لكن ما كان عليه أن يتكلم في هذا الشأن مع شيخ ساعد أباه خلال اثنين وعشرين سنة على حكم هذه الممالك…لأنه (أي القائد) لن يعطي مقابل كل جوهرات العالم ولو مثقالين اثنين” (ص.291).

[15] ــ ألح المؤلف على رسم شخصية محمد الشيخ باعتباره سكيرا مدمنا مسلوب الإرادة، يتحكم فيه القواد ويفعلون به ما شاءوا.

[16] ــ قُلْ ما شئتَ عن بشاعة محاكم التفتيش، ليس هذا ما أذكرها من أجله هنا، ولكن قارن بين أرشيفها وأرشيف “المحاكم” أو المحاكمات المغربية التي جَرَتْ في نفس الزمن.

[17] ــ قال: “ولو كان التنفيذ مطابقا لحرفية القوانين، لأمكننا نقل شيء من هذا القانون إلى أحكامنا القضائية التي تعطل كثيرا تنفيذ الأحكام”. (ص 219). هذه معادلة مستحيلة: العدالة والسرعة خصمان.

[18] ــ يتحدث عن حزم أبي الحسن حاكم تادلة، ثم يقول: “وكان له دائما في الجزائر وتونس يهود مزودون بما يكفي من المال والصلاحيات لشراء كل الأسرى الشباب. ثم يأتون بهم إليه فيكسوهم طوعا أو كرها على الطريقة المغربية، ويفرض عليهم أسماء مغربية”. (ص 112).

[19] ــ  يقول المؤلف عن “المرتدين”: “وهؤلاء يسمون أنفسهم علوجا، ومن العار الكبير عندهم أن يسميهم النصارى بالمرتدين”. (ص 63).

[20] ــ وقد عبرت الحشود القبلية في مناسبات عديدة عن تقلب ولائها، بل وعن انقلابها ضد المعسكر الذي تدافع عنه: تنهبه بمجرد ما تظهر علامات الهزيمة. عندما التقى زيدان والشيخ قرب تادلة (27 يوليوز 1605) “شرعت المدفعية في إطلاق نيرانها. وبعد مقاومة ضعيفة، انهزمت محلة مولاي زيدان فقام مرافقوه من أعراب الشاوية أنفسهم بنهب خيامه بكل ما فيها”. (ص نفسه).

[21]  ــ كان شراكة يعتبرون العلوج والأندلسيين نصارى (ص 154 ــ 155).

[22] ــ نقله مصطفى نشاط في “مسألة الأسرى في العلاقات المغربية الأوروبية أواخر القرن الوسيط”. ضمن كتاب: المغرب والتحولات الدولية. مطبوعات كلية الآداب عين الشق. الدار البيضاء. 2010. ولم يوثقه.

    يمكن مقارنة ما وقع في زمن المنصور بما يقع اليوم في بعض البلاد البترولية حيث يفضل الحكام شراء كل شيء من الخارج؛ حتى الفرق الرياضية، وحراس الأمن، ورجال الإطفاء…الخ. ولله في عربه شؤون!

[23] ــ ذكر أحد الزملاء في ندوة تقديم الكتاب أن المشهور من عددها هو 14. ولم يعلق على كلامه أحد من الحاضرين.

[24] ــ ذكر في الصفحة 255 أن عدد هؤلاء العمال هو أربعة آلاف عامل.

[25] ــ هذا هو الاسم الذي كان يطلق على حَفَظَة القرآن الحاصلين على قدر من المعرفة بـ”الضروري من أمور الدين”. وأمثال هؤلاء هم الذين يصرون اليوم على لقب “عالم” على الإطلاق، الشيء الذي يجلب عليهم الكثير من السخرية.

[26] ــ انتقلت كمية ما يُستخلص من الذهب الذي كانت تحمله القوافل نحو المغرب من 100 قنطار قبل الهجوم إلى أربعة قناطر بعدها. (ص 130).

[27]  ــ هناك من يؤيد تبرير المنصور للقسوة والتعسف بالحاجة إلى الأمن، لأن المغاربة، كما قال المنصور لقاضي الجماعة الحميدي ــــ حين قدم عليه من فاس: مجانين مارستانهم السلاسل..الخ (نزهة الحادي 158). (سمعت هذا التبرير، ورفضته، في ندوة تقديم الكتاب، يوم 18 يونيو 2012، بالمكتبة الوطنية بالرباط). والواقع أن مثل هذا الرأي يتنافى مع مفهوم الدولة، ومع مفهوم الكرامة الإنسانية. فمهمة الدولة هي الوقاية ثم العلاج، وليس الإفقار والقمع ثم القتل. كرامة الإنسان تصان حتى حين تسحبُ منه حقوق أخرى بسبب مسه بالقانون الذي ينظم الجماعة.

[28] ــ وهذا هو الأساس الذي سيستقر عليه نظام المخزن: المال وإطلاق اليد. وقد تردد في الكتابة الصحفية ومذكرات ضحايا سنوات الرصاص أن الملك الحسن الثاني، غفر الله لنا وله، جمع كبار ضباط الجيش، بعد إحدى المحاولتين الانقلابيتين، ونصحهم بالابتعاد عن السياسة والتفرغ لجمع المال. فيومنا من أسمنا.

[29] ــ يَـذكر أنها حددت رسميا ـــ في حال السلم ـــ في ست عشرة (16) أوقية على كل خيمة (ص 52). ولكن الدلائل تتوالى على أن الجباة يضعون في جيوبهم أكثر مما يضعون في  صندوق الدولة. وهذا ما ظهر، في الأخير، من الثروات الطائلة التي جمعها قائد القصر الكبير، والتي كانت سببا في هلاكه وهلاك أبنائه على يدي (ملِكين).  (انطر قصة محنته في الفصلين 134 و135 من الكتاب. ص268 ــ 272).

[30] ــ أمثلة ذلك كثيرة هذه الأيام (2012). من ذلك المصادمات بين السكان ورجال السلطة وقوات الأمن بمنطقة العرايش بسبب تفويت أراض فلاحية لشركة إسبانية لزراعة الأُرُز. ومنها تخريب مصادر المياه من طرف الشركات الملكفة باستخراج الفضة في الجنوب، ومنها استغلال العيون والمنابع في تعبئة الماء بجبال الأطلس المتوسط بما يضر بفلاحة السكان..الخ

[31] ــ أخبار المنصور 79. “ستوبال: مدينة برتغالية ساحلية صغيرة. تقع جنوب العاصمة لشبونة، على مقربة منها” (المترجمون).

[32] ــ البضائعُ التي يُبادلُ بها المغاربةُ الذهبَ القادمَ من جنوب الصحراء هي: “الملحُ في كميات وافرة، والطرابيش، والقماش الأبيض، من الهند البرتغالية، والجوخ الناعم، والخنائف والأكسية التي هي أغطية مسلمي بلاد البربر”. نفسه) . والبضائع التي لا يسمح بتصديرها هي: الذهب والخيول ومواد التموين. (ص 76).

[33] ــ “شيد لنفسه إقامة لم يسبق لها نظير… وداخلها غرف لأزيد من ألف امرأة، من جملتهن العديد من النصرانيات، بعضهن منصرفات فقط لخدمة الدار، والبعض الآخر متزوجات، فيؤذن لهن بالخروج. وجميعهن يستفدن مما يعطيه الشريف لأزواجه وسراريه”. (ص 76). ويعطي الشريف لأفواج المغنين والفقهاء الذين يفدون عليه من فاس في المولد النبوي ما يشهد بسخائه و”عظمته”! ولم يشهد لك غير الفقهاء والموسيقيين والإماء.

       

3 تعليقات

  1. عثمان المنصوري

    قدمت هذه القراءة في اللقاء الذي نظمته الجمعية على هامش حفل التأبين بمناسبة وفاة الأستاذ محمد الأمين البزاز بالمكتبة الوطنية، وشارك فيه أيضا الأساتذة أحمد عمالك والأستاذة مليكة زاهيدي والأستاذ محمد بنعبد الجليل. وقد جمعتني بالأستاذ محمد العمري لقاءات تحدثنا فيها عن التاريخ، ومكنته من بعض الكتب التي أصدرها بعض المؤرخين المغاربة، فأبدى شغفا بها، ووجدت فيه قارئا متعطشا وذواقا إن صح التعبير، قارئا حريصا على تتبع التفاصيل، والتمحيص والنقد، والمقارنة والمقابلة، وأكثر من ذلك، ربط الماضي بالحاضر، لفهم العديد من الظواهر السياسية والاجتماعية والفكرية السائدة. وفضلا عن هذا فهو قارئ متمرس، يمتلك قلما ذربا مطواعا، ورؤية خاصة. لكل ذلك فإن قراءته مفيدة جدا، لأنه يعطينا فكرة عن المتلقي لكتاباتنا من خارج الحنطة، ومدى استفادته من المادة التي نقدمها، وكيف يعيد نوظيفها في سياقات غير التي أفرزتها.
    وعلاوة على ذلك، فقراءة أعمال الأستاذ العمري، أقصد أعماله التي لا يقصد بها خاصة المتخصصين في تخصصه، ممتعة، وجيدة الإعداد، وأتمنى أن ينغمس أكثر في حقل التاريخ، ليستفيد ويفيد، مع تجديدي لشكري وتقديري، ودعوتي للقراء أن لا يكتفوا بالقراءة، ويشعرونا بوجودهم عن طريق تعاليقهم وإضافاتهم، وأسئلتهم، فالموقع موقعهم، والمجال مفتوح للجميع,

  2. مصطفى نشاط

    – أشكر بدوري الأستاذ العمري على تنويع اهتماماته ،وأما بالنسبة للإحالة رقم 22 فجاءت برسالة بعث بها السلطان العبدوادي عبد الرحمن بن موسى بن عثمان إلى جاك الثاني ملك أراغون في 24 ربيع الثاني من سنة غير محددة بالوثيقة، ومما جاء فيها (..وأما ما اشرتم إليه من تسريح جميع من عندنا من الأسارى فذلك ما لا يمكن أن يكون… لأن تعلمون أن ما عمّر بلادنا إلا الأسارى، وأكثرهم صناع متفننون في أنواع جميع الصناع..) Alarcon, , (M) et Garcia De Linares (R), Los Documentos arabes diplomaticos del archivo de la Corona d’Aragon, Madrid-;Grenade;1940,p 184 .

  3. هننئا للزميل العزيز الأستاذ المنصوري وأصدقائه في الجمعية المغربية للبحث التاريخي بهذا الموقع الغني المفيد…
    وقد أعادني النقاش معه إلى هواية قديمة شغلني هنها البحث البلاغي، وهي قراءة تاريخ المغرب لفهم حاضره. وبفضل النقاش معه وقراءة الكتب التي أمدني بها إهداء وإعارة أعدت ترتيب ما وقع في المغرب وشمال إفريقيا عامة من القرن الرابع عشر إلى الآن: كيف خرج العرب من التاريخ خطوة خطوة ختى أصبحوا على الرصيف.
    ولذلك اقترحت عليه مرة عقد ندوة تعالج هذه الإشكالية من زوايا متعددة بطريقة بيداغوجية يستوعبها جمهور المثقفين بعيدا عن عتاد الأكاديمية… ويبدو لي الأن أن هذا الموقع جدير بأن يجيب عن هذا السؤال…
    تحياتي وأطيب المتمنيات..

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .