الأربعاء , سبتمبر 17 2025
أحدث الإضافات
أنت هنا: الرئيسية / جديد الإصدارات / إصدار جديد للأستاذ محمد البركة، أبو ذر الهروي وعلماء الغرب الإسلامي، منشورات الكلية متعددة التخصصات بتازة

إصدار جديد للأستاذ محمد البركة، أبو ذر الهروي وعلماء الغرب الإسلامي، منشورات الكلية متعددة التخصصات بتازة

BARAKA WEB

لماذا الكتاب؟

إن الاهتمام بتراجم الأعلام وخاصة منهم أعلام الغرب الإسلامي، بحر لا ساحل له، ليس لأن أعدادهم كثيرة فقط، بل لأن البحث عن أخبارهم يقتضي التدقيق في التحري، والتقصي في الجمع، والتأني في الترتيب، والفن في الصياغة، وكل ذلك سببه قلة الأخبار عنهم، ونذرتها عند الحديث عنهم خارج مجال أوطانهم، إذ الغالب عنهم أنهم لم يدونوا رحلاتهم، تعريفا بمسالك تنقلهم، ومواطن نزولهم، ومجالس حضورهم، وشيوخ معارفهم، وحجم تكوينهم، إلا ما جاء في بعض الجمل حين الحديث عنهم من قبيل (ورحل إلى المشرق، وهناك سمع من،…).

وإذا كانت بعض البحوث أثناء اهتمامها بالصلات العلمية بين المشرق والمغرب، قد أولت عناية بتراجم الأعلام الذين توجهوا للشرق، فإن أهميتها تكمن في التعريف بحجم هذه الرحلات ورجالاتها من أبناء الغرب الإسلامي، وتلك غايتها، لكن ليس بمقدورها أن تبحث في علاقة أعلام كثر من الغرب الإسلامي بعَلَم واحد من أعلام الشرق الإسلامي أو العكس، فهذا عمل دونه أعمال.

لذلك كان البحث في سيرة واحد من العلماء الكبار، والأئمة العظام، بحث في العديد من أعلام علماء الغرب الإسلامي، الذين نهلوا من علومه، ورحلوا إليه، وجلسوا بين يديه، ولازموه في مجلسه، حتى سمعوا منه، ورووا عنه، وأجيزوا إجازته، إضافة إلى تخلقهم بأخلاقه، حتى إنه ترك فيهم أطيب الأثر.

وبما أن أعلام العلماء هم تيجان الأمة، بعلمهم واجتهادهم وحرصهم وتحصيلهم، بنيت أهم سمات بلاد الغرب الإسلامي وخصائصه، فإن البحث في سيرة الإمام الحافظ شيخ الحرم المكي أبي ذر الهروي المالكي الأشعري (ت.434هـ) والتعريف به، هو تعريف بكل الذين رحلوا إليه، والتقوا به، وحضروا مجالسه، فهم به كانوا أئمة، عليهم مدار العلوم على امتداد القرن الخامس الهجري، وهم به كانوا رؤساء زمانهم، لأنه كان فيهم:

–      الحافظ المحدث الذي كان عليه مدار السند في صحيح البخاري في الشرق والغرب من العالم الإسلامي؛

–      الفقيه المالكي الذي أخذ عن كبار المذهب في كل من خراسان والعراق وغيرهما؛

–      الزاهد العابد الورع الذي جاور الحرم، زهدا في الدنيا، وطمعا في الآخرة؛

–      العالم الأشعري الذي أدخل المذهب إلى بلاد الحرم المكي، وبثه في علماء الغرب الإسلامي بعد أن تشربه؛

وبذلك كله عرف الإمام الهروي واشتهر، حتى صار إماما. ويكفيه فخرا أنه كان على منهج إمام دار الهجرة، وعلى منهجه كان غيره من علماء الغرب الإسلامي. فكل فقيه مالكي إلا وتجده محدثا، وعلى رأي أهل السنة متكلما، وعلى الزهد والتزكية مرابطا مقتديا بصاحب المذهب.

كل هذا يجعل البحث في سيرة الإمام الهروي، بحث في كل هذه المعاني الجامعة، إذ وبحجم تأثيرها وإسهامها في الاختيارات الفكرية أو المذهبية لأمة من الأمم، تكون هويتها، ويكون البحث في عناصرها بحث في عمق التاريخ الحضاري للأمة، خاصة إذا كان من طينة الإمام الهروي المكي وعالميته المتميزة ببعدها الموسوعي.

لذلك كان كتابنا هذا الموسوم بـ” أبو ذر الهروي المكي وعلماء الغرب الإسلامي: جوانب من التواصل الفكري بين الشرق والغرب خلال العصر الوسيط“، كتاب يخلد ذكرى إمام كبير بعد ألف سنة من وفاته، ويخلد ذكرى من نهلوا منه ورحلوا إليه، بل ويخلد عمق علوم بصمت مجد حضارة الغرب الإسلامي، وعمق اختيارات مذهبية طبعت هوية بلاد المغرب والأندلس وما زالت.

تعليق واحد

  1. إبراهيم القادري بوتشيش

    مبروك للأخ الدكتور محمد البركة على كتابه الجديد الذي يساهم في تغطية حلقة جديدة من حلقات التواصل الفكري بين بلاد المغرب والمشرق الإسلامي. أعتقد أن العنصر الأنثوي ودوره في ربط المشرق بالمغرب يمكن أيضا أنة توجه له بوصلة الاهتمام البحثي ، والنموذج الذي أستحضره هو العالمة الموسوعية أم الكرام ، كريمة بنت أحمد المروزية التي بلغت درجة عالية من العلم والفَهم والنباهة وكانت مجاورة بمكة المكرمة ورحل إليها علماء المغرب والأندلس يرتشفون من نبع علمها. والله إنها تستحق دراسة خاصة ، سيما وأنها لعبت دورا في التواصل بين المغرب والمشرق.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .